الاثنين، ٣ صفر ١٤٣١ هـ

أنـــا .. و .. الـوافـدة

صادفت هذا اليوم وافدة أفريقية ,,


جلست معها في مكان واحد ..


وما إن رأت أن هناك شخصا معها في نفس المكان حتى انفرط عقد أحاديثها ..

بدأت تسرد قصص مجزئة عن حياتها


بدأتها بالحديث عن أحد المجمعات التجارية الكبيرة


وأنها زارته اليوم لأول مرة في حياتها


كانت متعجبة من ارتفاع الأسعار ..


مايباع أخوه وشبيهه في الأسواق التي ترتادها بـ 20 ريال .. يباع في ذاك المجمع بـ 150 بعد التخفيض



تحدثت عن معطف رأته فأعجبها .. سعره 250 ريال


وكيف أنها همت بشراءه لولا أن ثناها السعر .. وقالت : الله يسلم لي سوق كذا ...


هي تتحدث وتتحدث دون توقف ..


وأنا أنظر لها بتمعن وأحاول التصديق ..


لم أقابل من في مثل وضعها منذ زمن



هي فتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها


وتعمل خادمة في البيوت ..


وقد تركت الدراسة لسداد دين والدتها المطلقة من أبيها


والمتزوجة من رجل يحتاج لعملية تكلفه بضعة آلاف عجز عن إيجادها



الدين لايتجاوز الـ 10 آلاف و قد لايعجز أحدنا


لكن سداده بالنسبة لهم كان متعبا و باهضا ..


فقد دفعته من سني عمرها


لكنها أخيرا حصلت 6000 ريال

.....

انتقلت للحديث فجأة ..


عن الجنسية ..


وأنهم قبل سنوات كانت قد ألقيت على قريبتها الجنسية ..


لكن أتاها من غرر بها وطلبها منها .. بـ 5 ريالات


فقالت .. وماحاجتي في هذه الورقة !!


فباعتها عليه بـ 5 ريالات فقد كان مبلغا مغريا آن ذاك


تحدثت عن مخططاتها ومستقبلها


وأنها تطمح أن تكون طبيبة وتكمل دراستها


وأنها .. تود الزواج من ابن خالتها سعودي الجنسية


حتى تحسن وضعها


هي تتحدث بحماس وسرور وكأنها تحكي طرفا مضحكة ..


تتحدث ..


ولم تعلم أني حزنت كثيرا


ليس عليها بالطبع


بل على نفسي ومن هم مثلي




وقد تعجبت من ..


روحها .. همها .. هدفها ..


ألمها .. وكيف أنها جعلت من كل ألم .. أمل



تذكرت مجلس جلسته مع طبقة مختلفة تماما


كل الأحاديث تدور حول ..


السفر .. الملل .. الروتين الشاق والعمل


التضجر .. النقمة على الأهل - رغم الرفاهية -


وعن ماذا رأين في أحد الدول الأوروبية وماذا اشترين من هناك ..

فتيات .. كل طلباتهن مجابة


كل مايريدنه لديهن ..


كل سبل السعادة متحققة لديهن

لكن النفوس جد ضيقة ..


والسعادة لم تخط مساراها في الصدر


فلا رضى .. ولاقناعة ..


ولاعرفان بالجميل .. ولاشكر لقريب أو بعيد


هذا حال الأكثرين إلا من رحم الله


وأول مانقمت على نفسي أنا ..

نحزن .. دون أدنى سبب


ونبكي .. وقد اختلقنا للبكاء حكاية


نشكي .. ونحن أولى الناس بالرضا


ونجحد ولانشكر .. و قد استحق الكثير منا الشكر والعرفان بالجميل



كم أسأنا لأنفسنا .. !!


وكم فرطنا في شكرنا لله قبل كل شكر !!



فلله الحمد السرمد .. حمدا لايحصيه العدد .. ولايقطعه الأبدا

....


أخيرا ..


ورد في الأثر ..


"سائلوا العلماء، وخاطبوا الحكماء، وجالسوا الفقراء"


وقولوا ..


( اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين )