الجمعة، ٤ محرم ١٤٣٢ هـ

أشد مراحل الحب

أجمل ماذكر في وصف عاطفة الحب الجياشة .. وعظيم الشوق والوجد ..
ماقاله تعالى في وصف حال أم موسى حين قذفت بموسى - عليه السلام - رضيعا في اليم بأمر ربه ..

(( وَأَصبَحَ فؤادُ أُمّ مُوسَى فَارغًا ))أيّ : أن قلبها أصبح خاليا من كل شيء إلا من ذكر موسى وهمه ..

بالرغم من أن الله قد أوحى إليها حال الأمر بإلقائها إياه .. (( أن لاتخافي ولاتحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ))لكنها بعد أن ألقته وأخذه عدوه .. أنساها عظيم بلاء قلبها ماكان من وعد الله إياها

ثم قال تعالى : (( إن كادت لتبدي به ))
أي : كادت لتبدي به أنه ابنها من شدة وجدها ، وقال عكرمة عن ابن عباس : كادت تقول : وابناه . وقال مقاتل : لما رأت التابوت يرفعه موج ويضعه آخر خشيت عليه الغرق فكادت تصيح من شفقتها ،

(( لولا أن ربطنا على قلبها )) بالعصمة والصبر والتثبيت ، (( لتكون من المؤمنين )) المصدقين لوعد الله حين قال لها : (( إنا رادوه إليك ))
ثُمّ قالت لأخته " قُصّيه " ..

فهل هناك أعظم من حبّ أم موسى لموسى - عليه السلام - حينها .. !!

فَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا بالحُبِّ مَـاتَ جَـوًى .. !!


سَأَلتُهَا الوَصْلَ قَالَـتْ لاتُغَـرَّ بِنَـا

مَنْ رَامَ منَّا وِصَالاً مَـاتَ بالكَمَـدِ

تلك التي نالت على يدها مالم تنله يدٌ ..أنطقت الخليفة بأجمل أبيات الوصف والمدح
قتلته بكل مافيها .. وأرسلت سهام الفتنة من كل أنحائها

سهام اخترقت قلبا عتيٍّ ذوجلد
بدأ وابل سهامها بنظره لمعصمها ومازيّنه .. والنظر " سهمٌ مسموم " ..

وكان آخر ذلك الوابل وأشده .. لواحظها .. !
فأسى لحاله حين رأى جراحه سترديه قتيلا .. ولن يقاد قاتله ..

فحُقّ على كل جميلة منعّمة علمت أنها تزهق الأراوح قبل حينها
أن تقول ماقالت فاتنة الخليفة .. " لاتغرّ بنا " ..

فيا ساحرة الألحاظ .. لاتقتلي بسهام العين ولا المبسم
فإن حصل و كان وفتكت السهام
دعي أمر بعثه للزمن و لاتحييه .. فوصالك لن يزيده إلا كمدا ..

فَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا بالحُبِّ مَـاتَ جَـوًى

من الغَـرَامِ وَلَمْ يُبْـدِي وَلَـمْ يَعِـدِ

فهل استشعرت معنى أن تكون قد سفكت دماً في الحب !!

وهل استشعرت معنى أن قلبا مات ولايحييه سواك .. !!


لاتستهينوا بذبحٍ كذبحه ..

ولنحمد الله أن " مالقتيل الحبِّ من قَود" ..